بقلم: الدكتورة/ مريم الريسي – متخصصة في الإرشاد الأكاديمي –

تاريخ النشر: 17 أكتوبر 2022 – الإمارات –

الطموحات المؤسسية والرغبة الاستراتيجية في تحقيق الأهداف طويلة المدى واستدامة الحفاظ على نتائج تفوق المتوقع أمل تتطلع إليه مؤسسات الأعمال، وفي هذا الإطار نجد كثيراً من المؤسسات تبحث عن حلول للمشاكل التي تمر بها، وتستخدم في هذا الإطار العديد من الأساليب الإدارية المتعارف عليها، ولكننا هنا نركز على أداة لا غنى عنها، وهي الدراسة البحثية ليس فقط كمنهجية بحثية لدراسة المشكلات إنما لتحقيق الطموحات المؤسسية أيضا.

أصبحت البحوث تساهم في تحقيق الطموح المؤسسي وهو ما يتطلب تعزيز قدرات العاملين وتدريبهم على أدوات البحث العلمي، في هذا الصدد نجد أن البدء في التدريب والتهيئة لممارسة البحوث لا يقف عند حيز العمل إنما ينطلق من مقاعد الدراسة، لأنها أصبحت من أثمن المهارات الذاتية لدى الخريجين، ومصدر تميز أثناء رحلة البحث عن عمل بعد التخرج.

ومن الجدير بالذكر أن مؤسسات أعمال المستقبل تركز عند إجراء مقابلات التوظيف على مدى امتلاك المتقدمين لشغل الوظائف لكفاءات بحثية وقدرات تحليلية، وهو ما سوف نركز عليه من خلال سلسلة مقالات عن الكيفية نحو تمكين المهارات البحثية في إطار عملي انطلاقاً من أهمية البحوث في واقعنا العملي مروراً بكيفية تنفيذ البحث وما هي مراحله؟ وصولاً إلى آلية استخراج النتائج والتوصيات التي تنعكس إيجاباً في حلول للمشاكل المؤسسية، التحسين المستمر لواقع بيئة العمل، طرح أفكار مبتكرة للتطوير والتحسين المستمر.

وتكمن أهمية البحث العلمي في دراسة الظواهر المحيطة، تقديم معالجات تحليلية للمشاكل التي تم بمشاريع الأعمال، أيضاً تساهم البحوث في الدراسات الاستباقية لمواجهة التحديات المستقبلية، وتوقع المخاطر المحتملة، حتى أنها ترسم لنا طريق بناء المهارات المستقبلية اللازم تدريب الطلبة عليها وهو ما يمنحنا قدرات التفوق والتميز عن الآخرين، على سبيل المثال: 

  • الجاهزية للتهيئة والاستعداد لتحدي الأزمات المحتملة من خلال بحوث استباقية. 
  • تخطيط الأهداف وبناء الخطط الاستراتيجية والتشغيلية في مؤسسات الأعمال كركيزة أساسية لمتابعة الأداء واستدامة النتائج.
  • التوجه نحو البحوث التي تركز على تطوير أداء وعلاقات العاملين بما يحقق بيئة عمل ترتكز على الارتفاع بمستويات الأداء الفردي، وعلى الجانب الآخر قياس مستويات سعادة العاملين.

من هذا المنطلق أصبحت البحوث ركيزة استراتيجية على نطاق مؤسسات الأعمال، وخريجي المستقبل عليهم تمكين قدراتهم الذاتية على ممارسة مهارة إعداد البحوث، وأن تتضمن السيرة الذاتية ملامح قدرات بحثية، والرائع هنا أن يتم القيام بمجموعة من البحوث خلال الدراسة الجامعية، وأن يسلط الخريج الضوء عليها أثناء مقابلات التوظيف (هنا تعد البحوث قيمة مضافة يصنع من خلالها الخريج الاختلاف والتميز عن الآخرين).

والسؤال الذي يطرح نفسه.. كيف يمكن لنا تمكين مهاراتنا البحثية؟

تأتي مراحل التمكين بداية من المعرفة بمكونات البحث العلمي، ونعالج هنا المفاهيم الخاطئة لدى البعض أن إجراء البحوث هو متطلب لفئات وظيفية معينة دون غيرها، أو أن البحوث لها متطلبات تحتاج إلى الدراسة العميقة والوقت، وتتطلب مبالغ مالية ومخصصات دعم مؤسسي، لا يستطيع الأفراد أو فرق العمل الطلابية توفيرها. في هذا الإطار يتوقف الأمر وفقاً لطبيعة البحوث المراد القيام بها، لأن فكر البحث العلمي ليس قاصراً على مجال دون الآخر بل هو بوابة تطويرية وأداة ارشاد ومساندة لمتخذي القرارات في كافة المجالات زراعية، طبية، هندسية، إدارية، اجتماعية، بيئية، قانونية.. لا يمكن حصرها، ووفقاً لطبيعة البحث المطلوب ومجاله يتم تحديد الفريق البحثي الذي سوف يقوم بتنفيذ المهمة، ويطلق عليه هنا المشروع البحثي، على الفريق أن يحدد الوقت المستغرق لإنجاز البحث، المخصص المالي، الطاقة البشرية المعاونة للتنفيذ، وقد تتطلب بعض البحوث القيام بتصميم استمارة استقصاء للتعرف على طبيعة المشكلة أو الظاهرة محل البحث.  

وللحديث بقية..

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *