بقلم د. محمد السيد حسن باشه

التاريخ: 18/07/2023

يعلم الجميع أن الإدارة مزيج بين العلم والفن ويضاف عليهما الأثر والبصمة.  إن جوهر الإدارة الفاعلة يكمن في الأثر الذي تحدثه في المؤسسات، فالمدير الفاعل هو من يترك بصمة إيجابية في المؤسسة وهنالك من يترك بصمة سلبية. فبصمة اليد تحتاج إلى معامل لكي تعرف، أما بصمة الأخلاق فتحتاج إلى تعامل لتُعرف.

إن صاحب العطر الفواح يغادر المكان وتبقى رائحة العطر الطيب، وصاحب بصمة الأخلاق يترك أثراً في المكان فيذهب وتظل آثار أخلاقه في المكان فالسيرة الطيبة والأثر الطيب كالعطر الفواح يغادر صاحبه ويبقى الأثر في المكان.

تخيل أنك في مكان ما حيث لن تبقى طويلاً ولن تظل للأبد في هذا المكان حيث تعاملك مع من حولك يُبقي ذكراك داخل المكان، حتى وإن لم تعد إليه، بل ويخلّد ذكراك في القلوب.

يعمل المدير القائد على تمكين وتفويض مساعديه من خلال اكتشاف مهاراتهم وتطويرها وبالتالي يترك لديهم ذكرى طيبة وبصمة تظل للأبد فترتفع الإنتاجية وتتحسن سمعة المؤسسة. وهنالك من يترك أثراً سلبياً في ذاكرة الموظفين فتتلاشى ذكراه مع الوقت فهذه النوعية تعمل دائماً على كبت المهارات وتقويض الكفاءات ووضع الموظف تحت ضغوطات تحد من إبداعه وبالتالي تضعف الإنتاجية في البيئة الوظيفية وتتأثر بذلك سمعة المؤسسة.

نتذكر جميعاً من يتركون بصمة في حياتنا سواء كانت بصمة إيجابية أو سلبية، من منا لا يتذكر ذاك المعلم الذي أثر فيه وحفزه ليتميز في مادة ما وبالعكس أيضاً نتذكر ذاك المعلم الذي ترك أثراً سلبياً لدينا نتيجة لموقف ما.

كمدير وكقائد تذكر: لن يظل إلا الأثر الطيب والتعامل بأخلاق وشفافية واحترام للآخر مهما كانت درجته الوظيفية ومهما كان عمله.

التقدير للجميع واجب عليك، هو من يبقيك في ذاكرة هؤلاء فدعوة صادقة بظاهر الغيب من هؤلاء تنجيك من سوء الأقدار.

تذكر قوله تعالى (وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ)(آل عمران: 159). كمدير أو كمسؤول تذكر دائماً حسن التوجيه والمحاسبة والمساءلة والمسؤولية قبل العقاب لتحافظ على تلك البصمة.

عندما لا تجامل على حساب المؤسسة والوظيفة فأنت تترك أثراً طيباً، تذكر أن الكرم والسخاء ليس في المال فقط، بل كمسؤول في أن تعطي النصيحة وأن تصحح مسار موظفيك في أداء المهام المنوطة بهم، هكذا دور القائد الفاعل لا يجامل أصدقاءه أو أصحابه المحيطين لا يتغافل عن تجاوزاتهم في العمل فهي أمانة وضعت في عنقه.

فعندما تحدد المسؤوليات والمهام فأنت تترك بصمة. كن أميناً وأنت تكتب سيرتك القادمة كن أميناً مع نفسك ومع أولادك ومع المجتمع عندما تترك أثراً طيباً فأنت تكتب قصة نجاح تدوم عبر السنين فبصمة الأخلاق باقية.

نختم بقول الشافعي:

قد مات قوم وما ماتت فضائلهم                               

وعاش قوم وهم في الناس أموات 

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *