بقلم: الدكتور حامد النيادي

التاريخ: 9/6/2023

في ظل المتغيرات السريعة للتكنلوجيا والبرمجة وبداية اعتماد الروبوتات كبديل لبعض الوظائف الحيوية، نرى أن العالم العربي ما زال بعيداً عن هذا التحول بل وانشغاله في عالمه الخاص ما بين الحروب الداخلية كما نرى في السودان، أو في الاختلاف الديني والعرقي كما هو الحال في العراق واليمن، وهناك الكثير من الأمثلة على ذلك ولا ننسى أيضاً أن سوء الإدارة والاستبدادية من قبل بعض الزعماء العرب أدى إلى  تخلف بلادهم. كما أن الاختلاف في الأيدولوجيات بين العرب أدت إلى بطء  التقدم والازدهار ونزوح الكثير من العلماء إلى الغرب.

وكما نعلم أن تعريف الإدارة هو حسن استغلال الموارد المتوفرة لإنجاز المهام، أو السعي لحسن الاستفادة من كافة الموارد المادية والبشرية والتكنولوجية المتاحة، والإدارة الحديثة تتطلب من قياداتها رسم طريق واضح للوصول للأهداف المرجوة، ووضع استراتيجيات قابلة للتطبيق تتوافق مع الوضع الحالي والمستقبلي وتتعامل مع كافة المتغيرات، كما هو الحال في تطور التكنولوجيا الناشئة أو الجديدة في شكل سريع، وهذا ما يظهر مثلاً مع الروبوت الصناعي والذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، ويتزايد الاهتمام بتأثيرها في المستقبل غير البعيد على كافة جوانب الحياة السياسات الاقتصادية والاجتماعية.

وبينما بعض الدول العربية منشغلة بتلك الآفات، شقت غيرها طريقها إلى النجاح وتجاوزت كل تلك الاختلافات وعملت على توحيد صفوفها بفضل جهود وكفاءة أبنائها، ووضع منظومة متكاملة للابتكار بحيث يصبح ركيزة أساسية من ركائز التعامل مع تكنولوجيا المستقبل، والجاهزية للتعامل مع العالم الجديد ومنها على سبيل المثال وليس الحصر، دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وتوجه قيادتها الرشيدة نحو التحول إلى الإدارة التشاركية والبعد عن الإدارة الاستبدادية، مما ثمن جهودهم للوصول إلى الفضاء ودمج الذكاء الاصطناعي في المعاملات الحكومية والشركات الخاصة، لتعزيز جودة حياة المجتمع لديهم.

وها نحن على الأبواب لحقبة جديدة وعصر جديد لإداره الأعمال والمؤسسات والشركات، بعد ثورة التكنلوجيا والذكاء الاصطناعي، وهو عصر التكنومايند والذي يمزج بين عقل الإنسان والذكاء الاصطناعي.  

لذلك سوف نرى ضمن هذه الحقبة زيادة استخدام البرمجيات والخوارزميات في مساعدة الإنسان لتحقيق النجاح في إدارة المشاريع والأعمال واتخاذ أفضل القرارات. ولا عجب في ذلك فقد سبقنا العم سام في تحديد اتجاه بوصلة المستقبل ولحياتنا القادمة عن طريق صناعة الأفلام التي تتحدث عن المستقبل واستخدام الروبوتات والذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية، وقد بدأنا بالفعل نرى ذلك في وقتنا الحالي من استخدام الخوارزميات في برمجة بعض الأنظمة في الطب والهندسة و قواعد البيانات والملاحة الجوية والمواصلات والاتصالات.

وسنصل إلى تلك الحقبة من الزمن والتي سترسم لنا طريق الحياة الجديد وكيف نعيش ونعمل. ستؤثر كثيراً تلك الفترة القادمة على شكل وأسلوب إدارتنا لوقتنا وأسرتنا وأعمالنا، وسيدخل الاعتماد على الإنسان الآلي كثيراً وسنعتمد على أجيال المساعد الشخصي السيري من شركة أبل في إدارة منازلنا وأعمالنا اليومية، وسينظم الهاتف النقال جدولنا اليومي ويقدم لنا خيارات السفر والملبس والمأكل الصحي، وسيقوم بمساعدتنا في إدارة شركاتنا وسننجح بلا شك بأقل التكاليف، كما ستكون القرارات في منتهي السهولة.

 نعم ستدير أعمالك بأكثر تفوق ونجاح وبأقل الخسائر، وسيدخل المساعد الشخصي الرقمي عالمك وسيقوم بالنيابة عنك  بفتح الشركات وإدارة المنتجات والحسابات وأنت في بيتك وبمجرد كبسة زر، ستتفاجأ أنه لا يوجد لديك مكتب أو متجر لعرض منتجاتك أو خدماتك، بل كل ذلك سيكون عن طريق مكتبك الافتراضي وأنت في منزلك أوبينما تقضي إجازتك في أجمل المنتجعات مع عائلتك.

سيختفي الهاتف النقال الحالي وسيظهر كبديل له الشريحة الإلكترونية متناهيه الحجم والتي ستكون مزروعة في جسم الإنسان لتدير جميع اتصالاته وبياناته بمجرد رمشة عين، وسوف يكون هناك ربط ودمج في المستقبل بين العقل والذكاء الاصطناعي لاتخاذ أفضل وأنسب القرارات بشأن كل ما يدور حولك.

ولا تستغربون وأنا على يقين من ذلك أنه ستختفي الكثير من التخصصات مثل (المحامي والطبيب العام  والسائق والطاهي والقاضي)، بل سيصبح إدارة منزلك وشراء احتياجاتك المنزلية والشخصية عن طريق نظام التكنومايند المبرمج حسب رغباتك.

ولا ننسى أن صحة الإنسان ستكون أفضل مما كان علية الحال حيث سيقوم نظام إدارة جسم الإنسان وما بها من مجسات بالتحدث إلى طبيبك الآلي لعلاج تلك الأعراض ومتابعة حالتك إلكترونياً بدون الذهاب للمستشفيات، بل سيصبح الإنسان أكثر دقة وستتوفر له الكثير من المعلومات في وقت قصير  بفضل مساعدة الذكاء الاصطناعي في الوصول للمعلومة الصحيحة وسوف نرى بعد ذلك أن المدارس والجامعات ستختفي شيئاً فشيئاً وسيصبح الطفل أكثر ذكاءً ولديه كل المعلومات التي سيحتاجها للمستقبل، ستكون الدراسة في المنازل أو الأماكن العامة وستصبح الجامعات مجرد كيان لإصدار الشهادات متي ما أكملت كل المتطلبات للتخرج وكل ذلك وأنت تتعلم عن بعد وفي منزلك.

هذا هو عالم التكنومايند القادم وسوف تضطر إلى الانتقال لتلك الفترة شئت أم أبيت لأن التحول والاتجاه العالمي سيجبرك على ذلك أو ستكون من المتخلفين، وها نحن نرى في يومنا هذا قد بدأت دول في أوروبا وأمريكا في زراعة تلك الشرائح في رأس الإنسان ويده  للتجربة لتطبيقه للأجيال القادمة وكما شهدنا اختفاء العملات الورقية  في كل من  الصين واليابان واستبدالها بالعملات الرقمية عن طريق الهاتف الذكي.

 لذلك كن مستعداً لتلك الفترة ولربما وأنت تقرأ مقالي هذا لن تتقبل ذلك ولكن اتبع المثال القائل: “إذا ما طاعك الزمان طيعه”

1 تعليق

  • مقالة التيكنوميديا مقالة رائعة تسبح بك في عالم قادم يشبه الخيال ويضعك في حيرة بين الخوف من تكنولوجيا المستقبل وبين شغف خوض تجربتها صاغها بإقتدار المهندس الدكتور حامد النيادي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *