بقلم: الدكتور عبداللطيف العزعزي – مستشار في المهارات الإدارية والقيادية-

تاريخ النشر: 21/12/2022 – الإمارات –

نجاح الأمور تسير وفق نمط إدارتها، ومن يطبق مبادئ الإدارة الأربعة (التخطيط – التنظيم – التوجيه – الرقابة) وليحقق الكثير من النتائج ذات الصلة بالمنظمة وبموظفيها، فالأمر أوسع من تضييقه وتحديده بتحديد رؤية المنظمة وإنجاز أهدافها، فالموظفين لهم أهدافهم الخاصة نتيجة لذلك. كما هو معلوم أن القيادة منبثقة من المبدأ الثالث في الإدارة وهو التوجيه، حيث توجد تعاريف عديدة لمفهوم القيادة نور منها ما يلي:

  • القدرة على التوجيه من أجل تحقيق هدف معين عن طريق الآخرين.
  • العملية الخاصة بدفع وتشجيع الأفراد نحو إنجاز أهداف معينة.
  • التأثير في سلوك الآخرين (الأفراد والجماعات) لإنجاز وتحقيق الأهداف المرغوبة.

لو نظرنا إلى التعريف الأول والثاني لوجدنا أنهما يسيران في نمط واحد وهو التوجيه نحو تحديق الأهداف، ولكن السؤال: كيف يكون ذلك؟ يعتقد بعض الإداريين أن ذلك يتم من خلال شرح القائد للمرؤوسين والتوضيح ثم يقولون “تشجيعهم” على بلوغ الأهداف، والمعضلة هنا في كلمة “تشجيعهم” كيف يكون التشجيع؟ لو ذهبنا للتعريف الثالث والذي يشير إلى نقطة مهمة وجوهرية وهي “التأثير في سلوك الآخرين” ويأتي السؤال المهم: وكيف يكون التأثير في سلوك الآخرين؟

عزيزي القارئ، عملية التأثير في سلوك الآخرين لها عدة مداخل، وقبل الخوض فيها، أود أن ألفت نظرك إلى أن سلوك الإنسان لابد وأن يكون بعد وجود فكرة جعلته يتخذ سلوكاً معيناً، وتلك الفكرة لابد وأن تكون قد استقت معلوماتها من الآخر عبر قوات الإدراك عند الإنسان (الحواس الخمس) التي من خلال حصل على المعلومات وحركها في ذهنه وشكلها وأضافها لها ما أضاف لتصبح في النهاية فكرة يسعى لتنفيذها من خلال سلوكه.

إن مداخل عملية التأثير في الآخرين عديدة منها طريقة تعامل القائد مع المرؤوسين بطريقة مباشرة، ومنها أن يتأثروا به بصورة غير مباشرة عندما يكون نموذجاً عندهم يحتذى به كالتزامه بمواعيد العمل وتقيده بالأنظمة واللوائح وإنجازه للمهام وجودة عمله، وغيرها، ومنها عن طريق أساليب التحفيز بالهدايا والجوائز ورسائل الشكر والتقدير وغيرها.

إن ما أدهشني وأعجبني من طرق التأثير في المرؤوسين ما قامت به مديرة قسم في إحدى الشركات الأهلية العائلية مع موظفي الشركة وموظفي قسمها، ومما صنعته هذه المديرة الشابة أنها لاحظت أن مواقف السيارات مخصص فقط لسيارة رئيس الشركة (والدها) ولسيارتها، فسارعت وطلب حجز كذا موقف للمدراء الآخرين حسب المواقف المتاحة، وكان لهذا أثر إيجابي واضح عليهم. كما لاحظت أن جدران مكتبها قد صبغت قبل فترة وأن جدران مكاتب موظفي قسمها لم تصبع منذ سنين وقد بدى عليها القدم، فسارعت وطلبت صبع جدان القسم لكي يشعر الموظفين بالتجديد والتغيير والاهتمام بهم وبراحتهم. وأثناء تفقدها لمرافق القسم لاحظت قدم أرضية الحمام المخصص للموظفين فطلبت من قسم الصيانة تبديل أرضية الحمام، وهذا الأمر زاد من إحساس الموظفين بأهميتهم عند الإدارة الأمر الذي جعل الجو العام لبيئة العمل أصبحت أفضل. لم يقف الأمر عند هذا الحد فشخصية هذه المديرة شخصية قيادية تهتم بالموظفين وراحتهم وتهتم بمخرجات العمل على أكمل وجه، فقد وجدت أن فريق العمل قد أنجز المرحلة الأولى من أحد المشاريع المطلوبة منهم، فجمعتهم وقدمت كيكة بمناسبة هذا الإنجاز وكتبت رسالة شكر عبر البريد الإلكتروني لكل عضو في الفريق وقدمت كوبونات مشتريات بمبلغ معين، فهذا الصنيع جعل فريق العمل في قمة السعادة لدرج أن أحد الموظفين قال لها “أنا لا استحق لك هذا” من شدة سعادته.

عزيز القارئ القائد، عندما يشعر الموظف بأنك مهتم به وبراحته في مكان العمل وتوفر له ما يحقق ذلك، فلا يبقى أمامه إلا أن يقدم لك ما يرضيك من تعاون وتعامل وإنتاجية وجودة مخرجات. فكسب ولاء الموظفين أمر مهم فكما تطلب منهم العمل والإنتاجية، فهم يحتاجون منك مع الراتب حسن تقدير واحترام وما يشعرهم بأهميتهم، فكن قائداً محفزاً لهم وأصبح بيئة إيجابية وصحية.

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *